المتابعون

الأربعاء، 26 ديسمبر 2018

                                                           


                                                                   رواية "فتنة الزوان

مسكون الحب الذي يقف في أعين تشتهي تقول الرواية الفاتنة بما تحتوي
اللامبالاه جزء من الخلود
مقذوف من عالم ماورائي إبراهيم لعله كذلك يرنوا دائما لما خلف الأفعال وماللكلمات من بعد يتوجبً علي المرء أن يعيه ويعلم مايمكن له أن يترتب عليه تغير أنماط الحياة وأستبدال مشاهدها بمشاهد أخري يطرح إبراهيم فلسفة التعلق حيث تسرد الرواية قصة شابً فتن في حسناء من قبيلة أثيرت حولها العديد والعديد من الأساطير والشكوك وقد أصر كلً من رأي الفتاة أنها قبيحة ومتهالكة إلا أن عيناه ممتلئة بالحب أخذت علي عاتقها مسؤولية التقيد بما تشعر به تواصل مشاهد الرواية بسرد فلسفة روحية حيث يظهر علي لسان الراوي أقوال
" إن علي من أراد الخلود أن يتخلي عن الوجود عندما ننسي أن الحب لابد أن يتخلي عنت إذ لم نتخل عنه ،عندما ننسي أن الحب لن يصير حباً لايسمي حباً ،إذ لن تكتمل فيه شرط التخلي عن مادة الحب ،عن موضوع الحب،عّم المحبوب ونحن لا نستطيع أن نتفوق علي أنفسنا ،ونقهر تعلقنا بوهم نعتقد أنه الحياة مالك نتذكر أن العشق كالإلة ،سلطان مكابر لايقبل أن يشاركه في الوجود كائن "
كانت رسائل إبراهيم واضحة بدلالتها العميقة  حينما يقول أنه امر يعد منً رحلة الفراغ ،لأنه بقي معلقاً في الفراغ ، السر ليس في ما قاله !ولكن في مالم يقله
الرواية تنتهي بالعناد الذي تربع في قلب الفتي وينتهي بالقران الذي أوضح أن الفتاة حقاً كما ظهرت للجميع قبيحة ومتهالكة وظلت مسكونةً بالجن وهنا يشير الكاتب بقول
"أهل العشقً الذين عرفت كلً القبائل أنهم قوم يرون  مالايري ويسمعون مالايسمع ويقولون مالايقال
 إن القراءة المستمر لما يكتبه قلم الكونيً تجعلك تري أنه يدور في دائرة دائمة من التساؤلات عما يجنيه المرء خلالً لهثه خلف مايشتهي ومايريد
الرواية قصيرة ثلاثون فصل ومئة وستة وعشرون صفحة
تمتلك لغة ذات مفردات متباينة يتخللهاً العديد من الأساطير الصحراوية .

قمت بتقيمها عليً Goodreads بأربع نجمات
لم يحدث أن مكثت أقرأ روايتان في يوم واحد
إلا أنها حالة من النهم الغريبة التي أصابتني خلال ليالي ديسمبر في نهاية هذا العام
وقفتي الزمنية مع رواية"كبرت ونسيت أن انسي " للكاتبة الكويتية بثينة العيسي  حيث  تدور الأحداث حول شخصية فاطمة الفتاة اليتيمة التي تكتب الشعر وتمتلك هوس أدبي ملحوظ إلا أنها تعانيً الأضطهاد الأسري حيث تحاول بثينة العيسي أظهار هذا العذاب الإجتماعي الذي يحيط بكل مبدع خاصة في حال كان هذا الإبداع يخرج من روح أنثوية داخل مجتمعات مكبوتة تضع بثينة نهاية تليق بشخصية ثائرة لتوضح كيف يتغلب المرء عليً كل الصعاب خلال مواجهة الواقع وجها لوجه قد أثارت شخصية فارسً تعاطفيً وشعرت بشي من التضامن معها وتعجبت كيف يمكن للمرء أن يستخلص حقوقه أن صح التعبير من الشخصيات الأضعف منه كان بطل الرواية الواضح هو "الشعر" وهذا مايعطي للرواية طابع كتابة مختلف كانت روايةً واقعية إجتماعية صرف وفي حين فرغت منً قرأتها راودتنيً فكرة ماذا لو كانت "فاطمة " هي بثينة !

أكملت "كبرت ونسيت أن انسي واسرعتً بوضع الروايةً عليً رف المكتبة إلا أن غلاف "جين أير" البراق أغراني بشهية التصفح وهناً قد نسيتً الوقت تماما لأجدني مستغرقة في رواية للكاتبةً الإنجليزية تشارلوت برونتي كانت الأحداث تدور حوار جين الفتاة اليتيمة  التي تعرضت للإضطهادً منً قبل زوجة خالها مما جعلها تلتحق بمدرسة داخلية للأيتام وهناك تتعامل كيف تتخلص منً رغبتها في المواجهة تصادف عدداً منً الأصدقاء وتتحول في شبابها إلي مربية أطفال ثمة تغدو بعد عدة مشاهد  درامية سيدة أرستقراطية غنية الروايةً تمتعتً بلغة إنجليزية بسيطة وسلسة وتشويق لا ينتهيً عقب الإنتهاء منها وجدتً بأنها قد تحولتً إلي فلم إنجليزي شهير .

الأربعاء، 31 أكتوبر 2018

                                          





                                  
                    



      كانت أول مجموعة قصص وروايات عالمية أتحصل عليها في حياتي كهدية من والدي حينما أتممت العام الثاني بمرحلة الشهادة الثانوية أذكر أنني قرأتها جميعاً في أسبوعين ! ثمان كتب في أربعة عشر يوماً من شدة الفرح وبكيت كثيراً علي عتبات الأحداث مذ مدة أعرتها لأبنة خالتي "حليمة ماماش وأعادتها لي مذ أيام !
قد لايصدق البعض ما أقوله لكن الكتب التي تقرأها في عمر صغير تصبح بطريقة ما جزء منك .
غالباً بعد عمر من ممارسة القراءة كهواية تتحول لأسلوب حياة بحيث تعلم فيما بعد كيف تذهب الأوقات الصعبة مع الريح وكيف تعشق كأحدب نوتردام كل مالا يمكن الوصول إليه وماذا يعني أن يكّون الشيخ والبحر الذي ترافقهما من البؤساء حين تتمني حقاً أن تلقي من أعلي مرتفعات ويذرنج خطابك قائلاً وداعاً أيها السلاح بعد كل ما قد رأيته من قصة حرب مدينتين في بلادك
حينما أقف أمام المكتبة مكتبتي الخاصة بي الأن تحديداً و التي تنمو علي مهل أعي ما قاله أرسطو "الويل لمرء سبق عقله زمانه "
وأعي أيضاً كم يبدو الأمر جميلاً خلال إجتهادك الدؤوب للتخلص من أخطائك الإملائية شيئا فشيئاً
ذكرتني هذه الكتب التي أعادتها حليمة بوجهي حينما ظننت بأني يوما فتاة مثقفة خلال مراهقتي حيث أيقنت فيما بعد أنها كلمة أكبر من أن يرتديها أحد ولايمكن لشخص عاقل أن يتبناها ويطلقها علي نفسه .
الحصيلة :
هذه الأسماء من أفضل التحف الأدبية التي تليق بقارئ في عمر المراهقة والشباب فلا تفوتكم فرصة الحصول عليها بطريقة ما .   






الأربعاء، 18 يوليو 2018

مقاطع شعرية



مقاطع شعرية 

"صمتك المهيب "(1)




علي غرار صمتك المهيب !
يتملكني بشهوة هذا الحديث!
علي غرار دربك المنكوب !
تنير عتمتيً الأمنيات !
الواقعون في حب الحياة
فنتازيا الأمل وقصص هيريدوت
بريق الطبيعة وصلاة النيازك !
ثرثرة الريح وهمهمة عجوز تري في النميمة متعة !
شموع ذائبة علي ناصية المتعة
هل لي بقلبك العذب المعذب !؟
أمسح عنه غبار الوهم ،
اوشمه بالفرح !
اخبره للحكاية بقية !
للعمر قضية !
للثقوب التي أضعفت صلابة العظم !
ألف طريقة للعلاج
علي غرار صمتك المهيب !
أعجن الحروف لتختمر بالحب
اخبزها فطيرة لفقراء المشاعر
لعل شبع يجود بعطاء
لعل شيء يغير وجهة القافلة
ميلادها ميعادها
وشرها المكنون !.
……………………
.




"دعنا نرقص "(2)

خُذْ يدي ودعنا نَرقُص
أبد الدهر ،
يضمني العجز مثلك واكرههُ
خذ يدي
لملاذْالدَراويشْ علي هامش الوجعْ
نصلِّ صَلاةٌ للطمأنينةَ
نمسح عن هذا العَاتقْ
ذَنْبُ الولادة بالقاعْ !
نُرنِم في الأُفقْ !
كفيروزْ
أعطني الناياَ وغني ِ
فالغِناء سرُ الوجودْ
خُذْ يدي ولاتهتمْ
وأرتفع مع النَغمْ
دعْ عَنْك ماضيك الّذي
يشبه ُوجه جدتيِ
ومانتج َعن رحلة تيهْ
من هواجسْ
معي ارفع شرشف المللْ
عن مستديرة القدرْ
وأنفض ْ أيامنا
العجافْ
أو لون بالبهجةُ أطرافها
إذ عجزت !
خارج المألوف حاول
هدم حاجز الخوف
الخوف الذي
تعاظم ْحجمة برحم
أحلامك ْحتي صار
جنين !
أجهض بالرقص ترهاتْ
الفزعْ !
وخُذْ يدي كصديق
كأخ
كحبيبة
كأبن
وكظل
صدقنيًِ
ثمةَ في التشابك قوةٌ
تشبةُ الحب لها أثر
يجرك لدهاليز السعادة !
حشوة ترمم تشققات
الروح
وتعيد لعتمتها بريق الضوء
المسروق !
……………


الجمعة، 13 يوليو 2018



الواحــة بقلم: آية والشيش حسن
الواحــة بقلم: آية وشيش حسن


الواحــة

بقلم: آية الوشيش حسن

(القصة الفائزة بالترتيب الأول في مسابقة القارئ للكتابة الإبداعية التي ينظمها نادي القارئ- ليبيا)..


عبست الصحراء في وجه الليل، التفّتْ كافة الحيوانات البرية على صغارها وخيم الهدوء، رقصت رياح القبلي رقصتها  المعتادة، ورحل السراب ليستقبل نهاراً جديدا.

أيقنتا أن النجاة كانت كأعجوبة؛ يحدث أن ينجو المرء من الموت، لكن لا مفر ولا نجاة من الحزن!.

أمسكت "آنا" يد "ماتيلدا" وربتت على كتفها قائلة: "لا يكاد المرء يصدق كيف للحياة أن تنقلب رأساً على عقب في ليلة وضحاها!".

كانت آنا قد غلبها الوجع فضمت جربوعها الصغير وانهالت بكاء بينما لا تزال آثار الصدمة تحيط بماتيلدا إحاطة تامة، الأمر الذي مكنها أن تربط جأشها حتى تنجوا!.

قالت آنا والدمع ينهال على خديها:
"هل يمكن أن نعيش وسط كل هذا الشتات، إذا صمدنا اليوم من ذا الذي سيضمن لنا الحياة للغد، ثم أننا نملك صغاراً يا ماتيلدا! ألا ترين أجسادنا هزيلة ووجوهنا متعبة، لا حليب يملأ أثداؤنا، لا شيء يشبهنا سوى الفقد والكثير من الألم".

لم تشأ ماتيلدا أن تبكى، أخفت كل ذاك التيه وحفرت في الصمت لعل صمتاً آخر يخرج عليها فتغرق فيه، فللصمت أوجه عديدة كالاكتفاء والرضا، السعادة أحياناً واليأس وبعض الحسرة. وحده الصمت في حياتنا حياة بمعالم وملامح أخرى، انعدام الكلام الذي يستوعب كل الكلمات.

كانا وحدهما يهيمان في الدفء فلم يطلهما ضجيج ماتيلدا ولا نحيب "آنا"، يمتصان حلمات فارغة لكنها رطبة، يسكتهما الحب كلما اقتربا من أثداء أمهاتهما. أحضان الأمهات ميناء السلام الذي ترسو فيه كل سفن القلق الذي يحملنا لبحر الخوف وشواطئ الغربة، وبهذا الحدث قد أكملا أسبوعهما الثالث عقب ولادتهما.
 
الأيام الأوائل من عمر الروح لا تدرك حقيقة العالم ولا تنتبه لما حولها من مخاطر، لم تعي بعد ماذا تعني أدوات الاستفهام الثلاث: متى وكيف وأين. تميز كليهما بوجه ذي علامات فريدة. فَـفران ابن ماتيلدا يملك أذنان كبيرتان مكنتاه من أن يحمل ملامح الغباء، لكن براين ابن آنا كانت لديه عينين عميقتين تبدوان كما لو أنهما عينا بومة شاردة في حالة ترقب لفريسة.

انقضت الليالي العجاف ما بين ماتيلدا التي تخطط للحصول على طعام في صحراء تعج بها المخاطر، وآنا التي تهتم بصغيرين وتعلمهما قوانين الحياة التي اختار القدر أن يكونا أبطالها!.
ما أبشع القدر الذي يرسم مالا نريده ويلون أحلامنا بما لا نحب ويغير مساراتنا إلى طرق لا نهواها. للقدر حكمة غريبة حكمة لطالما جعلتنا أمامه كحبة رمل.

كانت ماتيلدا تقفز بين الكثبان تلتقط حشرة من هنا، بقايا عنصل من هناك، القليل من فضلات البشر محبي التخييم في الصحاري حتى التقت في إحدى مغامراتها "بقربي"!.

صاحت ماتيلدا بما امتلكت من علو صوت: قربيل قربيل!.
لم تصدق عيناها لوهلة لِمَ تعتقد أن الحياة التي جردتهم كل شيء وأخرجت أنيابها لهم، ستبتسم ولو قليلاً لتهديها صديق زوجها في نهار صحراوي تبدو فيه الشمس عمودية بتوهج النار.
الحياة بطبيعتها تمتلك عنصر المفاجأة بإمكانها أن تباغتك بما لم تحط به خبراً وأن تخيب آمالك بكل ما أحطت به خبرة أيضاً.

انطلقت مسرعة في اتجاه قربيل، واتجه هو بدوره مسرعاً ناحيتها، التصقا جسديهما بعناق طويل يليق بحجم المعاناة.

ردد قربيل يشوق:
- آه يا ماتيلدا.. ظننتكم موتي، كتبت أسماءكم في قائمة المفقودين.. من معك منا؟ هل كرستوان بخير؟ ماذا عن أولادك؟ ماذا عن آنا؟ هل هي معك؟ آه يا ماتيلدا عيناك البنية ووجهك وشارباك، إنها أنت, أنت.. إنها أنت حقاً!.

وقفت ماتيلدا بعد ترحيب، أخذ يرتق روحها شيئاً فشيئاً، لقد أسقتنا تلك الليالي الدامية الحنظل يا قربي حينما غارت أسراب الطيور الجارحة على مواطننا، هربنا بعائلاتنا إلى جحور النخيل، لكن عبثاً كأن الحزن لم يشبع. هاجمتنا قطعان الذئاب وافترسوا انكويت زوج آنا وكرستوان زوجي وابني دولنت، ومن حسن الحظ استطعت أن أنجو بابني فران، وآنا كذلك نجت مع ابنها براين، وركضنا حتى منتصف الوادي، وعرجنا عقبها لهضاب الكثبان، مكثنا هناك في جحور الصخور الأثرية.

أخذ الحزن يعصر قلب قربيل ويردد: "يا للهول، المصائب حين تجتمع على رأس جربوع".. ثم أردف: "لا يمكن أن تمكثوا للأبد في جحور الصخور، سيشتد الحر وتخرج الأفاعي، كما أنه لا ماء وفير في هذه المنطقة سيحييكم، لابد أن تأتوا معي، لقد عقدنا مجلس تحكيم ولجان طوارئ وأطلقنا حملات تعقّب للأفراد والقبيلة، ونعمل على توفير جحور للمنكوبين. لقد وجدنا واحة تبعد عن هنا مقدار 1000 قدم بشرية، يمكنني حمل الصغار ومساعدتكن للعودة. لا أعتقد أنك ستعترضين يا ماتيلدا، لن تعارضي على كل حال.

غطت الغبطة وجه ماتيلدا، وأخذت تقفز هي وقربيل حتى جحور الصخور الأثرية لتخبر آنا عن جمال الصدف. لم تصدق آنا أن قربيل واقف أمامها. أطبقت يديها على جسد قربيل وأخذت تدور به منتشية بفرح عارم، حتى أغرق قربيل وجهها بالقبل فتوردت خجلاً أمام ماتيلدا!.

كان قربيل من جرابيع القبيلة الشجعان، له رصانة وجلد وهيبة، لكنه مجهول النسب. وقع في حب آنا في مرحلة الشباب، ونشأت بينهما علاقة باءت بالفشل، ما أن علم بذلك والدها غرموفاف - والسيد غرموفاف هذا من رجال الحاكم، فهو يده اليمني ومستشار القبيلة الأول، يحظى بمنزلة اجتماعية مهابة- لم يحلو له مطلقاً زواج ابنته آنا الوحيدة من جربوع يدرب أبناء القبيلة وجندها، يمتلك منزلة أقل وينتمي للعامة ومجهول النسب ومنسوب لدار الأيتام، فسارع بتدبير خطة لإبعاد آنا عنه، فاستأجر جربوعة من نادي الترفيه العالي وضمها للجنة التنظيمية القائمة على مهرجان الحكاية السنوي وأوصاها بأن تروي للحاكم خرموزاف مديحاً يليق بابنته حينما يختارها لخلوته، وأن تحثه على اختيار زوجة من حاشية الحاكم، وأردف وهو يمد لها كيس البذور إذا حدث ونجحتِ فيما أوصيتك به سأعطيك ثلث ما تتحصل عليه ابنتي من بندق وجوز يأتيها كمهر.

نجحت الجربوعة عجفاس التي استأجرها غرموفاف في تحقيق مبتغاه، خاصة وأنها من ذلك النوع اللعوب الذي يحظى بمكر ودهاء الإناث. إن الإناث بطبيعتهن يحظين بقدر وفير من المكر والدهاء. وسار الحاكم خرموزاف يعقد العزم على تزويج ابنه انكوين من ابنة غيرموفاف "آنا".

كان كرستوان جربوع مثير للجدل، خاصة أنه يمتلك طباع التواضع على غرار أخيه كريستوان الذي كان ميّالا للتفاخر بنسبه العريق ودمائه الملكية النبيلة، وحينما  تزوج انكوين من آنا، شعر كرستوان -أخيه- بالحب ناحية صديقتها -ابنته- الباش حكم دار كاتب العدل لدى الجحر الملكي  "بربوجير داندون" لذلك سارع الأخير بطلب الزواج من ماتيلدا بربوجير داندون  في يوم ظلت قبيلة الجرابيع الكبيرة بقرية الجحور الملتوية تتحدث عن أضخم زفاف ملكي حدث في قريتهم مذ أًسّست على أيدي أجدادهم بعد نكبتهم السبتمبرية التي خاض أجدادهم فيها حربا تطلبت أن يجروا تحالفاً مع قطيع مهاري الوادي، لبسط النفوذ على منطقة الجرابيع، وتحصينها ضد عدوهم اللدود أسراب الطيور الجارحة. بطبيعة الحياة لا يكمن للمرء أن يحيا بمفرده إذا لم يتحصّن بالجموع، إنه قانون التوازن العجيب, فلا لوم على قوي وجد فيك ضعفا، ولا لوم على لئيم رآك كريما.

عادة ما يسحق الطيبون والضعفاء إذ ما اتحدوا. إن الجموع تحمي الجموع، وأن القوة هي الكفة الوحيدة إذا اجتمع معها الذكاء،  التي إذا مالت تصلح لصنع حياة كالحياة.
 
***

قفزت كل من ماتيلدا وآنا مع قبريل وأبنائهن حتى وصلوا لضفاف واحة الكفرة، هناك كانت بقايا قبيلة الجرابيع تتجمع، كل أولائك الذين نجوا من هجوم هو الأكثر شراسة في تاريخهم، والذي حدث عندما حلل شيخ قطيع مهاري الوادي أكل لحم الجربوع، فخرقوا وثيقة التحالف حينما اشتدت عليهم الليالي العجاف فلم يعد هنالك صبّار في واديهم يقيهم الجوع، فاختاروا أن يأكلوا أصدقائهم!. يحدث أن تأكلك أصدقائك أحيانا! الأمر الذي جعل أسراب الطيور الجارحة تنتهز الفرصة وتضرب ضربتها، فتشرّد أفراد القبيلة وأبناءها ومات معظمها وهاجم الباقون قطيع الذئاب.

لا شيء يشبه الحياة حينما تود أن تسخر منك فتجعل من وجعك ألف وجع، وآهاتك سيل هادر من الآهات، وهكذا أمست قرية الجحور الملتوية, خاوية على عروشها ولم ينجو منها إلا 2000 جربوع فقط!.

سارعت أنا وماتيلدا لتفقد قريباتهن، وصديقاتهن وعوائلهن، لكن يا للحسرة، فقدوا العائلة المالكة: الملك والمستشار وكاتب العدل!، ولم يظل من جيشهم ولا حكماء قريتهم وشيوخها أحد، إلا قلائل، وظلت كل منهما تحاول التكيف مع وضعها الجديد، وكيف لجربوعات الدلال أن يؤكلن كباقي العامة ويشربن ويخرجن وحدهن لسد رمق الجوع، تلك اللواتي ظللن طوال العمر يرمقن الحياة بعلو النسب!.

كانت ماتيلدا -حينما تصيب آنا الكآبة- متحسرة على ليالي العمر المهدورة، تضحكها ماتيلدا قائلة: إن الأيام التي نحياها الآن لن تكون أصعب من ذاك الشعور الذي مررنا به ونحن تائهتين في صحراء شاسعة. اعتقدنا فيها بكل ما أتينا من بؤس ويأس أننا انتهينا. افرحي  قليلا يا آنا، لقد تبقى لنا أبناء، ولدينا ما يجعلنا نكافح. الأبناء يا آنا شيء من الأمل في هذه الحياة، أنظري لوجهيهما، لشاربيهما، ألا ترين؟. بات البلوغ قريبا وسنحظى بمن يحمي كهولتنا يا آنا.

كانت آنا تضحك كلما قررت ماتيلدا أن تداعبها بشيء من الأمل. يحدث أحيانا -وبشكل متكرر- أن نضحك في حضن الاكتئاب!.

كانت الكفرة واحة جميلة في جنوب ليبيا، سكانها طيبو الطباع، تمتاز بوفرة الماء وجمال الطبيعة، ولها تاريخ يعتز به الليبيون أصحاب النفوذ في تلك الرقعة الأرضية. يكثر فيها النخيل، وتنعم بالأمن، لذلك قررت جموع الجرابيع الناجية أن تخيم هناك على أطراف الواحة. كبر كل من براين وفران، وآن لهما أن يعتمدا على نفسيهما، فحرصت كل من آنا وماتيلدا على تعليمهما فنون الصيد ومواجهة طيور الصحراء الجارحة، وبذلك استعانتا لتدريبهما بقربيل. خلال ساعات التدريب اكتشف قربيل مميزات كثيرة لديهما. فبراين مثلا  كان ماهرا في الاقتناص ورسم الخطط للوصول للثمار والإيقاع بالحشرات بسهولة. لكن أذنا فران مكنتاه من الاستماع بوضوح لأي صوت بعيد، وكان بذلك يتنبأ بحدوث أي هجوم من الحيوانات الأخرى قبل حدوثه، الأمر الذي شجع قربيل على أن يعرض اسميهما في ملتقى شجعان القبيلة، الذي انعقد بعد الهجوم الأخير، ليعيد من خلاله بناء قرية الجحور الملتوية على ضفاف الواحة، ولملمة أسر الجرابيع المفقودة والميتة عقب نكبتهم تلك.

في موعد انعقاد الملتقي الرابع أقبل قربيل على براين وفران وألح عليهما لكي يصطحبهما معه. بمجرد أن انخراطا في مهام الملتقى, حتى ذاع صيتهما في أرجاء القبيلة، وكان الجميع يتحدث عن حذق  براين وحكمته وطيب قلبه. ونباهة فران وقوة جسمه وبأسه. وذات يوم طلب مجلس شيوخ القبيلة ضرورة أيجاد عدد كبير من الطعام، كي يتم  تخزينه  لصالح  جحور رعاية الأيتام والعجزة، خلال أيام العجاج السنوية، وصار الجميع في الملتقى يفكر ويخطط لكي يجد مصدر أكل كبير يتمثل في نباتات مختلفة الأصناف والأنواع وحشرات يمكن اصطيادها بسهولة وتخزينها، ولم يجد الجميع أفضل من  حديقة السيد سالم آغا، حيث أنه كان رجلا تارقي الأصل، طيب القلب، يمتلك بشرة سمراء تركت الشمس آثارها عليها، وعينان جميلتان مكتظة بالرمش الطويل كما الخيزران، يتلفظ تارة بكلمات عربية وتارة بأمازيغية, كان السيد سالم رجلا محبا للنبات، حيث خصص في رواق بيته حديقة أجاد زراعة القوطة والبقدونس والملفوف فيها، وكانت ممتلئة بأشجار النخيل العالية، والخيرات من الفاكهة والخضروات الكثيرة.  ورغم شدة ارتفاع الحرارة بالواحة إلا أن السيد سالم تمكن من جعل حديقته مكانا ملفتا للانتباه، الأمر الذي جعل قبيلة الجرابيع ترى في الحديقة  جنة ونعيم لهم،  وحينما قام أفراد الملتقى بطرح فكرة الهجوم على بيت السيد سالم ليلا، لقت الفكرة رواجا كبيرة وإعجابا من كافة المنتدبين هناك، أولهم  فران، إلا أن قربيل رفض ذلك بشدة، وأخبر المجلس أنه لن  يتنازل عن مبادئه ومعتقداته، كون السيد سالم قد سمح لقربيل أن يقيم جحره بعائلته داخل بيته، ولم يتعرض لقربيل بسوء طيلة بقائه بمنزل السيد سالم، إلا أنه أشاد أيضا بحسن معاملته له وتأمين الطعام لعائلته ولبعض العائلات التي تقطن في الجحور المجاورة له، كونه يناصر حقوق الحيوان ويعترف بها في حال لم تسبب للبشر أذىً، كان براين يوافق مبدأ معلمه قربيل ويشد على يده ويحاول قدر الإمكان أن يقنع أفراد الملتقى بضرورة الاستغناء عن فكرتهم، ليحققوا بذلك مبدأ الفضيلة، لكن فران فضل البقاء على عقيدة الملتقى، وأن أيتاماً من الجرابيع الصغار الضعاف والمرضى العجائز منهم أشد حاجة للطعام، خلال أيام العجاج القادم، الأمر الذي أدى إلى غضب عظيم اتجاه كل من قربيل وبراين اللذان وقفا ضده  بكل ما امتلكا من حكمة وفضائل.


أصبحت العلاقة بين براين وقربيل متينة، وبات يشعر بشعور الأب اتجاه براين، الأمر الذي ذّكره بأيام الصبا وعشقه الملازم لآنا، خصوصا عقب وفاة زوجة بيتي، بعد أن أنجبت له  ابنته سينوري، وهي جربوعة اشتهرت بجمالها، حيث كانت تمتلك ذيلا طويلا يغطيه الوبر الناعم والمميزة بتموج اللونين الأبيض والأسود وعينان لوزيتان حادتا النظر وشاربان منتفخان مثيران. لفت جمالها براين منذ الأيام الأولى التي بدأ فيها بالتردد على جحر قربيل، وصار التردد دائما عقب شعوره بالحب اتجاه سينوري التي بادلته هي بدورها الحب، خاصة صارت مغرمة به أكثر عندما بات اسمه لامعا  بين أفراد جيله، وصفاته الطيبة جعلته محبوبا من قبل الجميع.   لكن فران الغاضب لم يهدأ بتاتا، وظل يخطط للهجوم على حدائق سكان الكفرة، خصيصا منزل السيد سالم أغا لذي ظل غايته وهدفه الأسمى، وصار يغزو بأفراد من جرابيع ملتقى الشجعان الحدائق والمزارع، أو يسرق الخضروات والفاكهة، وسرعان ما بات انزعاج سكان الواحة واضحا من تكاثر الجرابيع، وصار الجميع يتذمر من انتشارها هنا وهناك،  فسارع الحرس البلدي لتنظيم حملات نظافة واسعة المدى للحد من  تواجدها، وصار يوزع على السكان مبيدات القوارض المميتة للتخلص من الجرابيع, فيما ضرب براين  موعدا غراميا تحت النخل ليتقي بسينوري. ذات مساء أخبرته  قائلة:
 براين لقد بات حبنا وما تبقى من القبيلة في خطر جراء ما يقوم به فران من جنون، لا يمكنهم مهاجمة السكان بهذه الطريقة، لقد صار وجودنا في منزل السيد سالم مثيرا للقلق. أنا خائفة جدا.
رد براين بعد أن مطّ شفتيه وعبس..
لقد حاولت يا سينوري أن أجتث التهور من جمجمة فران، أنا ووالدك. إن ما يفعله فران سيجعلنا منبوذين في هذه الواحة وسنضطر للعيش في الصحراء الشاسعة، وبذلك سنصبح معرّضين لكافة أنواع الحيوانات الشرسة، ونحن ضعاف إلى الآن، لم نشكل تحالفا أو نجمع قوة ونصنع قرية مجددا، إن هجماتهم الكثير والمتكررة على ممتلكات البشر ستجعل الحروب بيننا وبينهم قائمة ومستعرة، لقد حاولت لكنني فشلت. فران لا يمكن أن يكون حكيما مطلقا ومن لا يملك الحكمة سيعجز عن تفادي المشكلات, الحمقى ياسنيوري دائما وأبدا لا يجيدون التخطيط بقدر ما يجيدون الاندفاع.

حينها خيم الجو الكئيب بعد تنهيدة قوية خرجت من صدر سنيوري، سارع براين بسرقة قبلة من وجنتيها ليزيل من عليها القلق الرهيب. أصابها الخجل لوهلة لكن الحزن أثقل كاهلها فأخبرته أنها استرقت السمع لابنة السيد سالم آغا سرين  أثناء محاولتها سرقة بعض الجبن من غرفة التخزين، بأن والدها قد جهز كافة أنواع المبيدات لمكافحة القوارض هذا العام، وهو مقبل على استخدامها في أسرع وقت!.

انتاب براين الفزع لبرهة، وأخبرها بضرورة الذهاب الآن لنقل الخبر لملتقى الشجعان ومجلس الشيوخ وعليها أن تصل بدورها لبيتها لتحذير أهلها بأنه قد وجب مغادرة جحرهم فورا!.

أخذ براين يقفز سريعا حتى وصل مقر الملتقى فوجدهم على أهبة الاستعداد، متخذين كافة الاحتياط للهجوم على حديقة السيد آغا فالتفت إلى  فران وهزه بيده قائلا: (ستوقع بالقبيلة جمعاء في بئر جهنم، هل جننت، إن المدينة بأكملها باتت تستخدم مبيدات القوارض وسينتهي أمرنا، أرجوك قد يبدو في الجبن حكمة أحيانا، سنحاول تفادي العجاج بما نحصل من هجمات متقطعة على مدى فترات متفاوتة، لا يمكن أن تضع كافة جنودك وهم قلة في هجوم واحد قوي، ستخسر يا فران وتعود أدراجك تجر أذيال الهزيمة وستسوء أحوالنا بقدر ما هي سيئة.

لكن فران لم يسمع وأدعى بأن براين خائن ومتعاون مع البشر ضدهم وأنه وهو وسيد قربيل متهمان بخرق مواثيق الوفاء للملتقى، ومن هنا قام بأمر الجنود المتواجدين بتعليق براين حتى الصباح على جذع الشجرة إلى حين إتمام المعركة, حينما برزت قدرات برين في الهجوم عينه رئيس الملتقى لقيادة وتكوين جيش الجرابيع، حماة الديار، وبهذا الأمر أصبح فران صاحب نفوذ, تقدم جيش من شجعان الملتقي بقيادة فران  للهجوم على حديقة السيد آغا الذي كان قد قام بتحصين كافة نبتاته ورش أرضية البيت بمبيدات القوارض، الأمر الذي أدى إلى تسمم كافة أفراد الجرابيع وموتهم بمجرد اندلاع الهجوم!.

في حين كانت المعركة قائمة اجتهد براين في قضم حبال القيد بأسنانه القوية حتى فك الرباط وتحرر، وأقبل يهرب بحذر خلال انشغال الجميع بالمعركة، الأمر الذي غيّبه عن أعين الحراس واتجه مسرعا كالبرق لحديقة سالم آغا لينقد أبناء جنسه، لكنه تأخر في الوصول، فقد تفاجأ بأن أولاد السيد  سالم قد باتوا يحملون المبيدات وينزلون بسوائل الموت على رؤوس الجرابيع، في حين شهد موقفا بطوليا أي أن السيد قربيل قد قام بحماية فران من إحدى الرشات القوية، حيث قام بتخبئته تحته، وأخذ في استنشاق المبيد بدلا عنه، الأمر الذي أدي إلى نجاة فران من النكبة تلك. عمل براين في إسعاف الجرابيع المصابة ونقلها إلى ميدان الملتقى ليتم تطبيبهم هناك وأخذ يقفز ذهابا وإيابا وكان يجر خلفه فران الذي يعاني فقداناً تاماً  للوعي.
في الصباح عندما اجتمعت كافة الجرابيع في الملتقى وسط  عويل وبكاء الأرامل واليتامى، كان قد استعاد فران وعيه  وبات في تحسن، وصار جاهزا للامتثال أمام مجلس شيوخ  الملتقى لتبرير مواقفه جراء ما حدث. هنا كان الحسم.

حينما تقدم كرموشتاف -وهو رئيس الملتقى- متسائلا ماذا حدث , أخبرهم فران أن براين جاء إليه برسالة من سيد قربيل تخبرهم أنه  أنظم إليهم وقد جهز لهم المكان وهيئ لهم الأجواء وأن عائلة السيد سالم قد باتت خارج منزلها، متهما براين بأنه جاسوس يعمل لصالح البشر وعليهم مقاضاته وطلب منهم إعدامه شنقا حتى الموت في وسط اندهاش عظيم اجتاح براين الذي بات لا يستطيع النطق، عدا قوله "لكن الجنود شهدوا ما دار بيننا البارحة". رد فران قائلا إنه كاذب وأن كل الجنود لقوا مصرعهم البارحة ولا يوجد من يشهد على صحة ما حدث لنا سواي، وبذلك أخذ مجلس الشيوخ وباقي الجرابيع يطالبون بإعدامه وسرعان ما نصبوا له مشنقة وجرجروه وشنقوه حتى الموت وسط صخب من العويل الذي كانت تطلقه آنا قائلة:
 ابن عمك يا فران، ابن عمك يا غبي، لحمك الباقي وسندك يا وغد. 
كانت آنا تصرخ مستجدية ماتيلدا أن تقف بجانبها، كانت تطلق عويلا يملأ المكان، هي وسنيوري المسكينة، لكن شيئا من الصمت خيم على ماتيلدا التي أودعت كل ما بها من مشاعر في صمتها الأبدي، في لحظة ينهار فيها الود لصالح البقاء   ومما لا شك فيه لم يفعل فران ذلك لشدة حقدة على براين إنما لحبه المفرط لسينوري التي قام بإخفائها يوم تتويجه في حفل الملتقى الخامس قائداً للجنود، فيما احتكم الملتقى على تنصيب براين الولي للحكم كونه ابن ولي العهد وسليل الملوك، الأمر الذي جعل الحقد يأكل قلب فران مرددا:
حبيبتي والعرش! براين! حبيبتي والعرش !
عقب الحادثة تقلد فران منصب الحكم وصار ذو شأن وتزوج سينوري غصبا بموجب مرسوم من السلطة (الملتقى والشيوخ)، ولكن سينوري أقبلت على الانتحار بعد ولادتها لجربوعها الأول كومبو تاركة إياه يناجي طيف حبيبته مطلقا صرخاته قائلا:
كنت الأكثر حكمة والأكثر. حظا كنت الأجمل والأكثر حبا.  كانت تحبك أنت لكني كنت القوي, أخبرتني يوما أنه لا لوم على قوي رأى فيك ضعفا، وأخبرتني أيضا لا لوم على لئيم رأى فيك كرما، كنت أعتقد أنني القوي، واتضح أنني الأضعف، كنت أعتقد أنني الأكرم فوجدتني اللئيم.

كانت ماتيلدا قد أقبلت على فران في انهياره أمام جثة سنيوري في صمت مهيب أعطته بعضا من  الماء ما لبث أن ارتمى ميتا بجانب سينيوري وجلست بجانبهما ماتيلدا تزفر تنهيدة عميقة قائلة: إن ابنة كاتب العدل تعلم كيف يتم العدل. لا خير في ملك يقتل دمه، ولا خير في حاكم يعذب الرعية، ولا خير في غبي يقود قطيع. أقبلت عقب موت فران بجانبها ترفع كومبو من فراشه وتردد: أسال الله أن يحشوك بطباع قبريل ويحميك بطيب سنيوري ولا يلحقك من دنس أبيك شيئا.

صارت ماتيلدا هي الحاكمة بموجب شرع الملتقى، كونها الوصية على ولي العهد، وصار عقبها الجرابيع يرتبون حياتهم وفقا لشروط الحياة بعد أن علمتهم أن الجموع وحدها إذا توحدت صار لها شأن.













تم نشر القصة عبر دنيا الرأي  يمكنكم مطالعتها عبر الرابط







https://pulpit.alwatanvoice.com/content/print/467971.html

السبت، 16 يونيو 2018





( يالاَ هذاَ العمْر الرَاكَضْ ) 
يالاَ هذاَالعمْر الرَاكضْ حقاً في العَاشِر من يُونْيو بالمشفى الجَامعيِ هانوفر ألمانيا علي أيدي الشقراوات أَتَيتْ طِفلةٌ ، بِوزْن عَظِيم ممتلئة الوجْنتِين كما أنا اللأنْ ، مِزَاجِيةٌ ظَلتْ أُمي تعاني المخاضْ يومانْ حتي قرر البروفيسور شْنّايدرْ ولادتي قصرية فرفضت الأوامر وأتيتهم بغثة يبدو أننيِ يساريةٌ مُذ كُنْت جَنين أقود ولا أقاد ! كان يردد الطبيب مقولة (baby like Gathafy changing every moment )
تيمناً بِمزاجية عِلاقة الرئيس السابق معمرالقذافي مع الْعَالَم
كنتْ أملكْ شريان بِقلبي ضيق لذلك أٓخْبروا امي أنني سأرحلُ عنها في غرفة أخري ،
أبيت هناك وحدي أقاوم لأجل الحياة بحضانتيِ لم أكن اعلم أن شرياني الذي اتسع شيئا فشيئا حتي تحول الي قلب متسع غدت مقاومته للحياة عادة ، يالا قلبي الغبي الذي لاينكمش بل يزداد إتساعاً ! تماما كشريانه
قالت أمي حينما أتيت انها إنتظرت عشر أعوام حتي تحضي بطفلةٌ ، و يوم ولادتي لم تنم أربعةُ أيام من شدة السعادة ، أمي التي لطالما إنحدر الدمع من عينيها كلما التقت بسيدةِ تنتظر رحمة الله ليطعمها الأمومة ظلت دوما ترددُ (شوقهم واعر يابنتي ) ثم تسْرد مواقفها الكثيرة التي أوقدوا فيها البشر حريقاً بالأذي داخل سويدائها أخبرتني يوما ان سيدة لطخت وجه طفلها "بالعوين" حينما أتتها تبارك خوفا من أن تصيبه بالعين واخري أخبرتها ان المرأة التي لا تلد كالبقرة التي لاتجيد الحرث وتأكل بلا فائدة وأخريات منعنها من رؤية أطفالهن بحجة أن السيدة التي يموت أطفالها دائما عقب ولادتهم نذير شؤوم كنت دائما أتحسس ذاك الوجع الساكن بقلبهاإذ تحدث عن ميلادي أنا وأخوتي ذاك الوجع الذي يأسرني كلما قالت (دفنتهم عشرة خوتك العشرة حتي باتك مسكين مل من دفن ) كنت دائما اتخيل لو ان لي عشرة اخوة علي قيد الحياة فوق المشاكسان اللذان امتلك .
هل كان في حياتنا شيء من التغيير هل كانت إحداهن ستخطف قلب أبي مني كما افعل انا من دون أخوتي !؟
حينما اتيت لبنغازي استقبلوني بالأعياد ذبحت جدتاي الذبائح علقت علي الأبواب الزينة وأخبرو الجار واوقدوالأنوار بالدار وثرثرت عجائز الحي مرددات
(الوشيش جدت عليه بنت بودرية !بعد عدو لالمانيا جابو بِنَت بودرية وروحوا بودرية ومدرهبة اتقول ألمانية)
يبدو لي أن عجائز الحي كن يجدن "تكبير الشورخ" كما نقول بلهجتنا الدارجة أو لعلهن إعتقدن بأني لست أبنتهم لشدة إحمراري
كان من المفترض أن يطلق علي أسم ليبيا وحينما تدخل محمد أخي فأختار لي أسم أية كان أسم ليبيا نصيبا لأختي !
وظل أبي يردد أيوتا ! ثم يردف ، أيوتا بالإيطالية تعني النجدة وأنتِ "نجدتي" كان ولازال أبي رجل دوبلوماسي يجيد "التختخة " .
وبرغم ماأحاول دائما أخفاؤه خلف إطلالتي الناعمة إلا أني انثي ذات جلد وصلابة وبأس شديد لي وجه واحد تماما كاللحظات التي أمتاز فيها بهذا الشجن الشاعرية فأبدو رقيقة و شاعرية بشكل ملحوظ أسارع للنجدة في مجمل الأوقات كما لو أني أنفذ وصايا أسمي الدارج !!
لاعمارنا وأقدارنا دلائل تروي قصة إرتباطنا بالأخرين هذه الدائرة النسبية في تسلسلها الغريب المحير ،كيف لهذا العمر الذي لم يأتي إلا بالكثير والكثير من المقاومة منذ الولادة ان يكون نفحة الفرح في قلب الطاهرة التي أنجبتني وذاك النبيل كيف أكون هبة الله لهما اللذان لم يقذفا الاذي في قلوب البشر بقدر مايستقبلانه ،في ذكري ميلادي الخامس والعشرين لايسعني القول إلا الحمد الله الذي أمد في عمر فرحة أمي وأبي حتي صارت ربع قرن ! وأعطاني وقتاً جديداً لأكفر عن زلاتي التي أخشي أن تتكاثر كلما سقطت عني الطفولة والبراءة وحجمت رغباتي حد الإشتهاء ، وإني سعيدة بهذا العمر الذي باتت فيه صغيرات العائلة اللواتي أنجبتهن الحياة علي يدي ينادينني ياعمتي وياخالتي كذلك لا أنكر شوقي للأربعين حينما أكون بكامل نضوجي كالمشمش في أوج موسمه ، أوقات كثيرة أفكر لماذا أحب هذا العمر الذي أتي دون أن أخطط له أو اسعي لوجوده أو أختار له أسما واتمني أن يطول !

بينما أردد بيتي المفضل للشاعر درويش :

"وأعشق عمري لأني إذ متُ أخجل من دمع أمي "




الجمعة، 6 أبريل 2018



رحلة في خواطري الليلية .





أيها الطعن القبيح في الخاصرة ، أما كتفيت؟  لامساحة خالية من الندوب في جسدنا  ويحك ياعراك القلوب ، ياخوف اليتامي ، ياجوع الثيب  و ياميلاد الرعب في صدور العباقرة  ويحك ياعمر باذخ بالحماقات ، يازهور الربيع مصفر ، يانحن الواقفون خلف درب الأشواك ! المهاجمون طوعا لاكراهية لأنين العمر ومعارك الرهبان لعقد الصوامع ، وجبن الساسة ! ، و خبث الأيادي ممتدة ، ياأيها العمر المركون بلا سير ، ياعصافير المتاهة ،ويحك  ياموائد النفاق ، ياأيها الطعن القبيح في الخاصرة  أما أكتفيت ، يا أيها الأمنيات المنتظرة علي ناصية الشجاعة ! المنهمرة بغزارة من غيمة الهدف علي رصيف الحلم ،الواهمة بالوصول ، كم يلزم من الفقد لنستفيق كم نحتاج من الوجع لكي نحيي ،كم يلزمنا من البرود لكي ننجوا ، ياأيها الطعن القبيح في الخاصرة ، أما أكتفيت ؟  خذي أيها البوادي مايلزمك من شعري ونثري  ونسجي خلود النجوع إذ ماكنتي وإذا أردتي أن تدري ! انه لاخلود هناك ولاميثاق سينجوا ! كل البشر امام ما أرادو جعاسيس ! وحدها الأرض تنتحب في حبور كلما تحسست بطنها الحبلي بالقبور ! .

3 ، أبريل ، 2018
5 pm

الاثنين، 19 مارس 2018

حكاية 








الذين أحببناهم بصدق خذلونا !
ولعلنا سنخذل كل من بادروا بحبهم الصادق لأجلنا ,ثأرا لجراحنا ! المندسة تحت ضحكاتنا العريضة !
بعض مواطن الوجع تصبح خرساء لا صوت يعلوا منها حتى وان تحسستها لعلها ذروة الألم التي تدعي الاعتياد ما أبشع داخلنا حين ينكسر ,حينما تهدر رهافتنا دون وجه حق ! ونمضي قدما بشوكة لا نتردد في غرسها بأرواح المارين كلما شعرنا بتلويحهم الماكر بأشواكهم السامة المغلفة بابتسامة خبث ليس خوفا من وجع بل تلذذا بنشوة الأذي النشوة التي تنفخ فينا الفرح أننا نعوض ضعفنا بقوة زائفة !
أغلبنا موتي علي قيد الحياة في حال أردنا أستثناء الأطفال علي كل حال ! غدونا سكاري وما نحن بسكاري ! حائرين خائري القوة لا شيء يملؤنا عدا الريح ! الريح التي جعلت من الفؤاد ناي يخبر العابرين أنه مثقوب .
العمر ! محض ساعة رملية مقلوبة تتسرب حباتها علي مهل تنذر بقدوم الفراغ ! الفراغ المطلق الحقيقة البينية الفاضلة للوجوديات التي نحياها بكل هذه الوحشية !
ثمة أوقات كثيرا أو ربما دائما قد تغدوا !
حينما تقف أمام مرآتك فتبكي ,تبكي بشدة أنت الذي لم تعد تعرفك ,ولم تعد تعجبك ,ولم تعد تكترث لك ,والي ما سيأتيك .وماسيمر بدونك ,وما ستكون عليه !
أرواحنا لا تشبه اجسادنا لا مناعة لديها ولا كريات دم بيضاء ! لا تفرز (antibody ) للخيبة ولا تمتلك (receptor) يمكننا أن نصنع له دواء للفحات القهر الشديد ! بلورية هذه الأرواح لا تتحمل كل هذا البؤس وكل هذه القسوة !
ولكن ! ماذا ماذا ! يا الله لو أردنا أن نظل أنقياء ؟
كيف لنا أن نمتلك رحمة أنبيائك ! كيف لنا أن نغفر كيوسف لكل الذين تركونا في الجب وما    التفتت وجوههم لصرخاتنا الغوثاء ! كيف لنا أن نبادلهم الحب كمحمد كل الذين وضعوا الأشواك في طريقنا وأشعلوا الحطب عنوة ,وأن نلقي عليهم سلاما مما امتلكنا ونخاطبهم بالتي هي أحسن هؤلاء الذين ما جادلونا يوما ألا بالتي هي أسوأ ! كيف تحمل عيسي أبن مريم مكر سائر البشر وعفي عنهم يوم قال ! سلام عليا يوم ولد ت ويوم أموت ويوم أبعث حيا !
كيف لنا ياالله أن نصغي بقلوبنا ونعمل بعقولنا كيف دون ان نتغير دون أن تلقي علينا الحياة زفراتها القذرة ونخرج منها بأحسن الأعمال
! ما بالها هذه الأرض واسعة وضيقة في آن واحد ! علي من يكسرون بقوة وامتلكوا نفسا لواما لا لؤم فيها لا ترضي بكسر الآخرين ! ليس خوفا منهم بل عليهم ليس ضعفا بهم بل خوف ممن ضاعوا بضعفهم !
كيف ياالله حافظوا كل الذين أحببتهم وأحبوك علي أرواحهم دون تغير دلنا ! نحن اللذين لم يمتلكوا وجوه أنبياء لكننا امتلكنا جنسهم ! علي طريق لنفعل ذلك . .
 
(الصورة الفوتوغرافية للفنانة إسراء الشاعري  )

الجمعة، 16 مارس 2018

رحلة في عوالم الذات

هنالك عوالم تستقر في براح الروح ، ان قدرتنا علي مجارة الوقائع لا تشبة بقدر كبير تقبلنا لهذا الواقع ، إنها في قدرتنا دائما وابدا علي تكيف بأوضاعنا الحالية  وبطرق تقبلنا للبؤس الذي نحيي فيه للتشوه الذي يطرق باب وجوهنا وقلوبنا أيضا ، المشاكل النفسية تأتي أغلبها من عدم تقبل الاخر لنا أحيانا ، او عدم تقبلنا نحن للاخر ، أما الأكثر وجعا هي مشاكلنا لعدم تقبل ما نحن عليه
عدم قدرتنا علي تكيف فيما نحن به،
لذلك يطرح فلم (wonde) شخصية الطفل اوغي ، طفل ولد بتشوه جيني افقده الوجهه الحسن ! فيما هرعت عائلته للأهتمام به بطرق خاصة ، اهملت الجانب العاطفي لاخته التي تواجهة هي الأخر شيء من النبذ ومشاكل إنعدام التكيف والوحدة ، الحقيقة يعالج هذا الفلم مفهوم الرضا !
والتصالح مع الذات مراعاة الأخرين والتحيز للجمال الفطري الموجود بروح الإنسان ، كذلك شيء من قضايا المجتمع الإمريكي كظاهرة التنمر ،والنبذ وغيرها ، إنعدام تقبل المرء لذاته وماعليها يجعله يجاري ذوات الاخرين او يتقمصها ، حينما لا يدرك اهمية النضج الوجداني في حال لم يصل إليه بعد والحوار بين شخصيات فلم أوغي عميق المفهوم والدلائل ، فهو يعطيك فقط جزء من حياة طفل مشوه فماذا عن باقي حياتة المتمثلة في الحب والزواج والإستمرارية في معترك العمل وغيره ، الجميل في الفلم أن شخصية اوغي ليست خيالية إنما تمثلت في حياة طفل بات ملهما حينما حقق معني تقبل الذات ، كثيرا ما يجود في بالي إنعدام قدرتنا علي خلقنا وتسير أمرنا يجعلنا مصابين برغبة ملحة في تجربة حيوات الأخرين ، الأخرين اللذين يمتلكون مانريد نحن فيما نمتلك نحن ماأرادو هم ، أذكر مرة حينما قابلت في رحلات حياتي فيلسوف ، وتتطرقنا لموضوع الرضا ، وإنعدام الصبر والتصبر عند الإنسان ، أذكره حينما قال لي "إن الحياة في الرضا ،من كان رضيا عاش محمودا ، ومن عرض عن مافيه ألحقت به المعيشة الضنكة " ، وهنا يبدأ صراط سير الإنسان أما للشر المطلق الباعث للرضا المزيف ، أما للخير المطلق الباعث للرضا الدائم والمؤلم أيضا ،
أنا من عشاق يعقوب بريملاي ، أجده فتي عبقري في سن صغير خاصة منذ أن ظهر في أداء مميز في فلم Room  ولكن النضج الحقيقي للموهبة الذي يتمتع به بريملاي ، اعتقد سيمكنه من الحصول علي اوسكار في عمر صغير ربما ،
كثيرة ما أحببت قدرة الفلم علي عرض الجانب التوعوي والطبي لمتلازمة تريتشر كولينز, (بالإنكليزية:Treacher Collins syndrome) أو خلل تعظم الوجه والفك وهي حالة وراثية تؤدي إلى اضطراب في نمو وتطور العظام والعضلات في الوجه. هذه المتلازمة تؤثر على 1 من أصل حوالي 50000 شخص، ويرجع ذلك إلى طفرة في جين يعرف باسم TCOF1. يتم توارثها بطريقة جسمية قاهرة، وهذا يعني أن الشخص الذي لديه نسخة واحدة من الجينات المعيبة سيكون لها حالة. ومع ذلك، حوالي 60٪ من الحالات تحدث في الأشخاص الذين ليس لديهم تاريخ عائلي نتيجة لطفرات جديدة في الجينات.، تتراوح الأعراض بين تشوهات بسيطة إلى تشوهات شديدة، يمكن أن تتضمن الأعراض شكل غير طبيعي للأذن، عظام وجه غير نامية، العينان تتوجهان نحو الأسفل، صغر في حجم الذقن والفك، حنك مشقوق، رموش متفرقة، شق في الجفن السفلي، وفقدان للسمع بسبب عيوب في الأذن الوسطي
أحبب دور جوليا روبرت الذي جاء بالمعني الحقيقي للملهمة ، أوقات كثيرة نحتاج ملهم يعطينا ثدرة علي الوقوف من وراء كل تعثر ولحظة للتصالح مع كل تشوة ومحبة لهذا التشوة وإيمان بهذا التشوة ، ذكرتني جوليا بدور ماما بحياتي ، قدرتها علي جعل السواد بياض إستماعها لمجريات حياتي بشكل يومي كذلك صداقتها لي ، أحببت هذه الحميمية بالفلم وأعطاني شيء من الدافع لفك عني كل حواجر إنعدام تقبل الوضع الذي يحيط بي وأعمل علي قولبة كل مجريات الحياة السيئة لصالحي .

السبت، 10 مارس 2018

الفئران آتية، احموا الناس من الطاعون»،



رحلة في الأدب الكويتي

ذاع  صيت كاتب شاب منذ سنوات ، حيث برز بعد فوزه بجائزة البوكر العربية خلال عام 2013 م لروايته الشهيرة ساق البامبو "سعود السنعوسي كاتب طموح يجيد صناعة الرواية البسيطة في لغتها العميقة في مضمونها ، منذ ان وقعت عيناي علي كتابته ادركت أنه سيتخذ مكانته في رواية العربية وسرعان ما أنطلق برواية حقا أجادت حبس الأنفاس ، قرأت كلتا الروايتين الأعوام الماضي فيما عزمت أن أكمل كل ما قدم سنعوسي خلال أربعة روايات تمتلك أنماط كتابة وأفكار مختلفة
لكن ما يجعل المرء حقا لا يتردد في كتابة مراجعة مهمة يشيد بعبقرية كاتبها هي رواية التي منعت من النشر في أرضها .
                                      رواية ، فئران أمي حصة
(ما عادت الفئران تحومُ حول قفص الدجاجاتِ أسفل السِّدرة وحسب. تسلَّلت إلى البيوت. كنتُ أشمُّ رائحةً ترابية حامضة، لا أعرف مصدرها، إذا ما استلقيتُ على أرائك غرفة الجلوس. ورغم أني لم أشاهد فأرًا داخل البيت قط، فإن أمي حِصَّه تؤكد، كلما أزاحت مساند الأرائك تكشف عن فضلاتٍ بنيةٍ داكنة تقارب حبَّات الرُّز حجمًا، تقول إنها الفئران.. ليس ضروريا أن تراها لكي تعرف أنها بيننا! أتذكَّر وعدها. أُذكِّرها: "متى تقولين لي قصة الفيران الأربعة؟". تفتعل انشغالا بتنظيف المكان. تجيب: "في الليل". يأتي الليل، مثل كلِّ ليل. تنزع طقم أسنانها. تتحدث في ظلام غرفتها. تُمهِّد للقصة: "زور ابن الزرزور، إللي عمره ما كذب ولا حلف زور..".)


أكثر ما أثار  شعفي للتدوين هو سنعوسي حيث بدات محاولاته في الكتابة بصنع مدونة خاصة إلكترونية تمدد فيما بعد عبرها  للخروج لفضاء العالم الخارجي ليري الجميع عبقرية الأبداع ، فئران أمي حصة رواية تستند علي أحداث سياسية ، تتحدث عن آفة الفتنة الطائفية، وتدور أحداثها في الكويت منذ 1985 وحتى الزمن الافتراضي الذي تتحرّك فيه الرواية في 2020.
تتخذ رواية قسمين  وتتسم بالطابع الشعبي كذلك تجسيد مسلسل علي الدنيا السلام "محظوظة ومبروكة "داخل الرواية أضافة لها لمسة من الحنكة في أتخاذ الحي بداية لإنطلاق الأحداث رواية بها من التشويق مايجعلك تلهث وراء قسميها أرث النار ويحدث الأن  التي تكتسب اختلاف زمني ملحوظ ، برغم مرور عامين ونيف علي قرأتي لهذه الرواية إلا أنني لازلت أتذكر وقفاتي علي ناصية هذه الرواية حيث تتمتع بروح وطنية عالية وتعطي أبعاد لرؤية متسعة إلي ما سيؤل إليه إنعدام قدرتنا علي تقبل بعضنا البعض بختلاف أجناسنا وطباعنا وكذلك ديانتنا ومذاهبها في أوطاننا العربية  
الروايات لا تعطي حلولا  فقط في العادة إنما تعطي عرض للمشكلات وكذلك ماينتج عنها  إذ ستمرت .

     

رحلة في دواخلي





رحلة في دواخلي



الكتابة ، شجن العواطف وتأثير الماضي لنقل محن العمر إلي الورق ، الكتابة شيء يشبة الخلاص، أميل للفنتازيا بطباعي للخيال المؤكد لا ريبة فيه ، ساعدني هذا الخيال لبتلاع دماثة الحال وصعوبة المحن ، فيما لم أتوقف يوما عن حب الخيال جلست علي قارعة الورق أنتقي كتابي المفضلين في عالم الخيال الباذخ بالحكمة أقول لماما ان الواقع هو إنعكاس لما نفعل ، أنما الخيال هو واقعنا الحقيقي  لما لا نستطيع فعله مطلقا ، حينما وقعت عيناي علي أفلام جي كي رولنج في عمر المراهقة وجذبتني يد أوريل لحقيقة الحال ، لم يتوقف غبريال عن حثي المتواصل لفهم ألية الدائرة التي نحيي ، لكن من لم أشتهي لحظة أن اودع مايكتب هو مارتن ! ،
مايجتمع عليه كتابي المفضلين الخيال المفعم بالحكمة في أعمالهم ، كذلك الدقة في صنع حبكة درامية تشبة التشويق لا تنقطع عنك الأثارة للحظة ! مارتن حينما كتب لعبة العروش ! أراد توضيح الحقيقة الفعلية لنوايا البشر ، القرب الذي يكاد يكون متماثل للهيئة الحيوانية الباذخة بالشهوة مطالبة بالمزيد ، النار والجليد كذلك رمز للحياة بين برودها وسخونتها ،  ، الذئب ، الأسد والتنين  لهما منظور فلسفي في رؤية مارتن ،  كمجنونة بالكتب لم أكتفي برؤية مسلسلGot فقط فهرعت لقرأت رواية تجاوزت "1000"صفحة ، أما جابرييل العبقري يشبة الأحتيال ، رجل يجيد فهم الحياة بطبيعتها المفترسة والأليفة كثيرا ما أبتسم حينما أقرأ له أشعر بشيء من النكتة والسخرية من أقدارنا المحتومة ، لا خطيئتنا نغفرها لنا ولا بؤسنا يمكننا أخفاءه ، بالكاد ألتقط أنفاسي بين صفحات الروايات التي يكتبها ، لكن جورج الواقعي حد الجنون يصف العالم برصانة المجنون ، يكتب عن السلطة والجشع ، الكذب والخداع  ويصوغها في حيوانات ناطقة يتملص من فخ النمطية يتلون في رواياته بطرق مفرحة
جي كي رولنج ، اللطافة والبؤس ، الحلم والطفولة ، شيء يشبة التناقض تكتب لأجل شيء تصنع نمط وردي يشبهها تماما كما لو أنها حلوي سيدة أرتبطت بها مراهقتي ، وكذلك شبابي ، لطالما تمنيت أن امتلك خيالا يشبه خيالها اللانمطي الممتليء بالتجدد .
هؤلاء عادة مايقومون بجذبي لأكمال مايكتبون في ليلة هذا طبعا بإستثناء مارتن ورولنج
الجميل الذي لا أدري أذ كان صدفة أم شيء يشبة الأحجية جميعهم يمتلكون بدايات أسمائهم حرف "G" وهذا شيء مثير للضحك .



الأربعاء، 28 فبراير 2018

رسائل من تحت الأرض



" رواية"



رسائل من تحت الأرض 









تسمو الحياة برفعتها ! هل يمككننا ان نعيش أكثر  هل ينبغي لنا أن نحي بالطريقة التي  نحب ، أم ان نتقبل وقائع الحقائق  ولا نسبح في خيالات الحلم ، ونتعدي حدود المقبول !
فيدور رجل يهمة التساؤلات في عالم لا يري للتساؤل معني !
لا يهمة تفسير الظواهر و لا ينتبه للتفاصيل المندلقة  في  منظورنا البارد !
 "الرحلة اليوم كئيبة جدا ! لكن الحزن أحيانا يعطينا مستخلص الحقيقة !
ماذا لو مارس الإنسان العزلة من مبدا الخوف ، الغضب ، والنرجسية أيضا
أبقيت علي قرأت هذه التحفة ثلاثة أشهر ، أحاول جاهدة أن أسترق السمع والبصر لما يحبه هذا القابع في قبو مهددا بذكائة الحاد ،ان يقتل ويسحق ويهزم الجميع
فرويد حينما قال ، الخوف يحكمنا كان علي حق ، لذلك يعمل  فيدور علي توظيف الفكرة داخل شخصية متناقضة ، منعدمة الإيمان بالذات رغم وجود الثقة ، شخصية تثيرك بشفقة أحيانا ، وبمبدأ العطف يجترفك الوجع لحالها ، بينما لا يحيد عنك شعور الغضب من كافة التصرفات اللئيمة لهذا الجعسوس !
ماذا لو فقد المرء القدرة علي العطاء كيف له أن يحي بمبدأ الأخذ ، إحتمال التنبؤ  بحجم بالبشاعة التي تغزو الإنسان لمجرد فقدانه الثقة بالأخرين ، لقد لامست شيء ما بداخلي هذه الرواية ، لحظات كثيرة في غضب البطل شعرت أني هناك اقبع في قبو اتعايش معه ونصهر
الفلسفة هي الكيان الاول الذي تستند عليه تساؤلات البطل الغاضب ، سوداوية الذات هي الكيان الثاني ! ومن هنا يمكن إستخلاص مفهوم الحماقة وبداية  تكور هذا الشعور ، إن قدرتنا علي رؤية عيوب الغير دون إدراك عيوبنا الجسيمة او محبتنا لهذه العيوب وتفاخرنا بالمثالية في حين إنعدامها في تكوين ذواتنا هي مايجرنا لإرتكاب حماقة تشبة في منظور رؤيتنا هي الحقيقة المطلقة البديهية التي يجب أن يراها الجميع ومن هنا يولد البؤس  !
من هنا تتخذ الحياة وجه الصراع الذي يبقينا في دوامة اللهث وراء ما نشتهي ونريد !
 الرواية ثمة بها شقين ! شق يحدثك بشكل مجهول عن إنعدام رغبة البطل في مزاولة مهام الحياة والحياة ، وشق يجعلك تري مدي تفاوت مفهوم البطل وتصرفاته مع الحياة حينما يستعيد صور ومواقف من ماضية ليروي  بداية تكوين هذه الشخصية وما بها من تراكمات عملت علي قولبته ووضعه في هذا الإطار
لقد نلت نصيب وفير من المتعة ، والتعلم وكالعادة لم اشعر بشيء إلا فقداني لصديق أحببته في نهاية .
ستبرز التعاسة بوجهك وتلوح بشكل ملحوظ فيما تري نسيان يلملم الذكريات من قارعة الأحداث يفر كسراق كلما لاح نظرك يقتنصه ،تشبه فيدور هذه الرواية  ولعل طابع الحزن هنا كان نتيجة لفقدانه لزوجته خلال كتابه للفصل الثاني من الرواية .

،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،
أترككم مع آجمل الإقتباسات التي عملت علي لملمتها في رحلتي





بعد غياب ! ، العودة .

  مرحباً سُكان رحالة. ! أنها عودة حميدة بلا شكْ ، للركن الأكثر أمان داخل عوامل الإنترنت . كيف يبدو هيئتي ككتابة لا آعلم لكني حينما بدأت الم...