المتابعون

الأربعاء، 2 أغسطس 2017

ثلاثية غرناطة

                 "   ثلاثية غرناطة  " 


 تبدو المصائب كبيرة تقبض الروح ثم يأتي ما هو أعيي وأشد فيصغر ما بدا كبيراوينكمش  متقلصا في زاوية من القلب والحشا ! .

                                            (قرأتي للرواية في أحضان الطبيعة ببيتي الجبلي  )  


للظلم وجوه عدا  حيث يبدأ بكلمة وينتهي بالإقصاء مرورا بالأذى والتنكيل ,كم تبدو الحياة بحجم حبة الرمل في قلوب التعساء وكم يظهر الزهد ثوبا ملائم ومريح لمن جعله القدر عاريا !
كان الظلم قضية  الرواية  وأعمدتها الأساسية للبناء , عندما  قرأتها في عمر التاسع عشر لم أكن أعلم أن كتابتي عنها  ستختلف في عمر الرابع والعشرين  , الكتاب لم يتغير أنا من  بدأت أري بوضوح  بقلب مؤمن تلبسته الحسرة علي دينه  وعقل مفكر لا يهدي من البحث كررت في  جوفي عليا أن اقرأ تاريخ  الأندلس قبل الفتح الإسلامي  وهل ارتكبت جرائم خلال الفتوح الإسلامية أبان عصر الفتوحات وهل ما ورد في هذه الرواية من أوجهة ظلم  هي ردة فعل أم فعل شنيع  !
رضوي عاشور سيدة العربية كما أحب تسميتها وقعت في سحر اللغة التي تمتلك منذ قفزت لرواية طنطورية  سنة (2012 ف) ومنذ ذك الحين بدأ الولع برضوي " وما تروي !
أشعر أحيانا أنها ورثت اللغة عن طه حسين وتتلمذت علي يد نجيب محفوظ واسترقت بعضا من الدهاء من ماركيز !
هل يعقل أن تمتلك سيدة هذه الاحترافية في الكتابة بطريقة  لافتة للنظر دون المرور بسخافات السخرية العاطفية التي تدسها بعض الاقلام النسائية في ما تكتب !
أنها تملك جوهرة للكتابة فحوة  يتماشى مع العقلانية والمنطق تختار التاريخ كرئة ثالثة  تدلق فيها انفعالات الحياة لتجني بها  شخوص من ورق تثير الخيال بجمالها .
الأجيال تكرر الأخطاء والتاريخ لا يرحم !
نري في الرواية أن العلم دائما هو المستهدف والملاحق من قبل الجهل هو الضحية لبدايات الحضارة ونهايتها أحيانا وهذا ما بدا واضحا في مريمة وكتب أبا منصور الجعفري .
تستهدف الكتب في كل الحروب لعله يرجع الأمر لكونها  مقاليد القوة في الحياة ! الذي يعلم أكثر يستخدم ذكائه بحرفية أكبر ! يتمكن من الشجاعة ويمتلك قدرة علي التمرد .
تسرد الرواية  في أجزائها الثلاث انهيار الإسلام في الأندلس (أسبانيا حديثا ) بطريقة فلسفية وتاريخية تمتلك الكثير من مشاهد التركيبية تتوالي بطريقة سرد الراوي كما ولو أن صوتا يغدو في رأسك يلقي بما في الزمان من حكمة ,  يقل حماسك في منتصف رواية ربما لافتعال  رضوي  بعضا من الأحداث التي لا تناسب السياق لذلك رأيت عرض زواج "علي" "بفضة " مجرد حشوه لم يلائم  تسلسل الأحداث وتظهر  ذروة  جمال الرواية في جزئها الاول  الذي يعرض معاناة  "سليمة  " الثابتة علي مبادئها ودينها شجاعة لا تخاف سلطان لأن سلطان الله  هو الباقي  .
تمتد المشاهد المرهقة للتفكير حيث  تشاهد  أجبار أهالي غرناطة علي  التعميد أو النفي لحظر العربية ومحوها أذكر يوما كنت فيها في نادي الكتاب أناقش أهمية اللغة وكونها  آلة النقل الزمني عبر العصور التي من خلالها  تتمكن الفكرة من الخلود  نحن نفكر بلغتنا أولا  لذلك  نحن  شعوبا وقبائل مختلفة  ومتخالفة ! من هنا  بدأ لي ذكاء القشتاليون في ترهيب  أهالي الأندلس من اللغة العربية وتهمشها وسحقها لكي تندثر رسائلهم ولا يتمكنوا من كتابة تاريخ يخلدهم عبر الأزمان 
أحببت مريمة  رأيتها المجاهدة والسابحة عكس التيار تمتلك دهاء وفطنة تظهر بطريقة ساحرة يحبها القارئ ويشعر فيها انه يشبهها وتشبهه في الجزء الثاني يتعلق قلبك بها وبعلي بطريقة ما حتي لربما  تساورك رغبة في البكاء دون شك !

الجزء الأخير حيث يبدو الحفيد "علي "  تائه و ضائع  ولعل رضوي كانت  ترنوا بهذا التشبيه  لحال كل  المسلمين  الأن في  هذا لجزء ليس فقط  شخصية علي المتناقضة الضعيفة  وجدت  العديد من مواطن  الحشو لم  أشعر أنه مناسب لسياق الرواية علي الإطلاق .


 رضوي عاشور  قاصة وروائية وناقدة أدبية وأستاذة جامعية مصرية،. زوجة الأديب الفلسطيني مريد البرغوثي، ووالدة الشاعر تميم البرغوثي ...

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

بعد غياب ! ، العودة .

  مرحباً سُكان رحالة. ! أنها عودة حميدة بلا شكْ ، للركن الأكثر أمان داخل عوامل الإنترنت . كيف يبدو هيئتي ككتابة لا آعلم لكني حينما بدأت الم...